اعمل من أجل أنك تحب الله
كثير
ما نواجه في حياتنا أمور تجبرنا على الرضوخ لها والعمل تحت ظروفها
وأوامرها. ومن هذا مثلك مع مديرك فأنت تحت امرته، تطيعه فيما يأمرك به.
فلماذا
نطيعه؟؟ هل هو خوف منه؟؟
أغلب
أمور الطاعة تكون منبعثة من الخوف عامة، ما أعنيه خوفاً من العقاب إذا لم
أفعل الأمر الذي أمرت به قد يخصم من المرتب وغيره ...
وهذه
الحالة طبيعية فالانسان يبتعد عن الذي يكره. أو ما هو أمر. فالعمل مُر ولكن
العقاب أمَر والفقر أمَر وأمَر. فيرتب الانسان أموره على هذا النحو.
وهذه
القاعدة تنطبق على الدين أيضاً، وما يدفع الانسان إلى العبادة في بداية
الأمر خوفاً من عقاب الله تعالى في الآخرة. فترا من يخاف الله حق المخيفه
يتقن العمل والفرض الذي وُكِل به.
ولكن لماذا لا نرتقى إلى مستوى أعظم من هذا؟؟
مستوى
تجد في العبادة لذة وشوق. تريح بها بدنك وتشتاق لمُلاقات الحبيب.
فمثلاً
لو أنك تحب شخص حباً جماً. وطلب منك طلباً فهل سترده؟؟ لا والله لتنفذه من
غير تردد حتى لو فيه مشقة عليك لأن من وراء العمل هو حبيبك. حتى أن العمل
يصبح جميلاً في نظرك.
فالنعبد
الله لأننا نحبه ومشتاقين له. فوالله الذي لا إله إلا هو لهو يحبك أكثر
مما تحبه. الله الذي قال في حديثه القدسي.
إنى
والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويعبد غيري ، أرزق ويشكرسواى خيري إلى العباد نازل وشرهم إلىّ صاعد ، أتودد إليهم
بالنعم وأنا الغنىعنهم ! ويتبغضون
إلىّ بالمعاصى وهم أفقر ما يكونون إلى ، أهل ذكرى أهل مجالستى ،من أراد أن يجالسنى فليذكرنى ، أهل طاعتى أهل محبتى ، أهل
معصيتى لا أقنطهم من رحمتى ، إن تابوا إلى فأنا حبيبهم ، وإن أبوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائبلأطهرهم من المعايب ، من أتانى منهم تائباً تلقيته من
بعيد، ومن أعرض عنى ناديتهمن قريب ،
أقول له : أين تذهب؟ ألك رب سواى ، الحسنة عندى بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة عندى بمثلها وأعفو ، وعزتى وجلالى لو استغفرونى
منها لغفرتهالهم.
والله عندما قرأت الحديث لأول مرة دمعت عيني. وعرفت كم أنا
مقصر في جنب الله. فالله يحبني ولا أبادله نصف هذا الشعور. فلولا حلم الله
وستره الجميل علينا ما صحبنا أحد لشرور أنفسنا وعظيم عيوبنا. فالناس عندما
تمدحك لا تمدحك أنت كذات ولكن تمدح ستر الله عليك.
فما أحلم الله حين أمهلني وقد تماديت في ذنبي ويسترني
فمن هذا المنطق، لا نستغرب فعل الصحابة الكرام مثل عبد
الله بن حذيفة السهمي عندما قٌدم للقدر الذي يغلي ليلقى فيه ويذوب لحمه و
عظمه. فبكى. فقيل له: لما تبكي؟؟ فأجاب رضوان الله عليه: قلت في نفسي يا
عبد الله الأن تلقي في قدر و تذهب نفسك، والله تمنيت عدد شعر جسمي أنفس
تموت هذه الميتة لله.
لأن الله غالي عنده وقدم أغلى ما يملك وهي روحه ولكن لحبه
الشديد لله أيقن أن نفس واحدة ليست كافية أبداً في سبيل الله.
فمكان زرع محبة الله هي المساجد وحلق الذكر لأن بها تتعرف
على صفات المولى غز وجل. فترى الحب ينمو في قلبك من غير أن تشعر. ويصبح
عمله وفروضه التي فرضها الله عليك من أحب الأعمال لك. كما كان يقول النبي عندما يأتي وقت الصلاة: أرحنا بها يا
بلال. أما لسان حالنا الآن يقول: (عفانا الله) أرحنى منها يا بلال.
فأرجو من الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم
يولد ولم يكن له كفواً أحد. أن يسكن حبه في قلوبنا، ويهدينا إلى سواء
السبيل.
فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.
هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم
بإحسان إلى يوم الدين.